نظرية الإرتباط لثورندايك

 

نظرية الإرتباط لثورندايك

 مقدمة

نظرة عامة:

التعلم جوهري للوجود الإنساني وأساسي للتربية وهو منطلق أساسي لدراسة علم النفس ولازم لفهم حقيقة العقل البشري. والواقع أنه لم يحظ أي موضوع آخر من موضوعات علم النفس بمثل ما حظي به موضوع التعلم من عمق في البحث والدراسة. ومنذ أن بدأ الاهتمام بدراسة سلوك الإنسان ظل التعلم وقضاياه موضع اهتمام الباحثين والدارسين حتى أن بعض المفكرين أمثال أرسطو والقديس أوغسطين وجون لوك اذا كانوا يعتبرون التعلم قضية رئيسية. كما بلغ الاهتمام بقضايا التعلم ومشكلاته ذروته في أوائل القرن العشرين.

فما هو التعلم إذن؟ حقيقة إن التعلم أمر مألوف في حياتنا الاعتيادية ولكن تعريفه تعريفا علميا بغية الوصول إلى فهم حقيقي لماهيته يظل مسألة مثيرة للجدل. وقلما نجد من الخبراء من يتفق مع غيره وذلك بسبب التعريفات واختلاف النظريات.

وإذا ما أردنا أن نعرف التعلم تعريفا بسيطا يمكننا القول أنه تعديل السلوك من خلال الخبرة.

وثورندايكه يعرف التعلم بقوله لة من التغيرات في سلوك الإنسان». وهنا يجدر بنا أن نميز بين التعلم وبين التقدم أو استمرار التحسن المفيد، ذلك أن التعلم كما يقول جثري وبورز) قد يكون تقدمة أو تراجع شأنه في ذلك شأن كثير من العمليات الأخرى، وكذلك ليس كل تغير يمكن أن يسمى تعلما . وكما يؤكد هليغارد وبوره) فان التغير الذي يحدث في نشاط الإنسان بفعل عوامل النضج، أو الاستجابات الفطرية لا ينبغي أن ننظر إليها على أنها تعلما، فلا يمكننا القول بأن الطفل الذي يستطيع الوقوف على قدميه نتيجة نموه الطبيعي قد تعلم الوقوف، ولا أن انقباض إنسان العين عندما يبهرها ضوء المصباح تعلما بل هو فعل منعكس. ولقد وصف اندرسون وجيتس” التعلم بأنه عملية تكيف الاستجابات لتناسب المواقف المختلفة. أما جانييهه) فقد دعا إلى التمييز بين العوامل التي تتحكم فيها الوراثة إلى حد بعيد (كالنمو) وبين العوامل التي هي في الأساس نتاج التجربة البيئية (وهي التعلم). ووصف ثورب التعلم لأنه مجموعة تغيرات تكيفية تحدث السلوك المرء وهي في محصلتها تعبير عن خبراته في التلاؤم مع البيئة. وباختصار فان التعلم عملية تغير سلوك الإنسان بفعل الخبرة.

يقسم هورتن وتيرنج (0) تاريخ البحث في التعلم إلى ثلاث مراحل: مرحلة ما قبل السلوكية (

pre – behavioristic ) والمرحلة السلوكية (behavioristic) والمرحلة المعاصرة (contemporary) . وقد بدأت المرحلة الأولى بفكرة فلسفية تنسب إلى جون لوك الذي يقال أنه وضع الأساس لنظرية تداعي الأفكار (Associationism) في بريطانيا. وفي حين كان جون لوك يقول بأن العقل البشري يولد صفحة بيضاء تخط الخبرة عليها فيما بعد، كان عمانوئيل كنت ينادي بإحياء مفهوم سابق للتعلم مفاده أن العقل البشري لديه عملياته الفطرية الخاصة على نحو مستقل عن الخبرة التي قال بها لوك ويقصد بالفطرة إن العقل البشري لديه أساليب لم يتعلمها ينظم وفقا لها ما يصله من معلومات

ويمثل فلهلم فونت الذي أقام مختبرا تجريبيا في ليبزج فترة لاحقة من مرحلة ما قبل السلوكية واليه ينسب الفصل الأول في ظهور المدرسة التركيبية (Structuralism) في ع+ الننه وهي | 370 | 16

الهامة على ملاحظة المرء لعملياته العقلية أي الاستبطان الذاتي (-Self introspection) وقد تأثر سيجمند فرويد في تحليله النفسي بهذه المدرسة فيما بعد. كذلك كان لأعمال فونت تأثير على تجارب علم النفس التي كانت قد أخذت بالظهور في الولايات المتحدة كما أسهمت هذه الأعمال في تطور المدرسة الوظيفية (functionalism) في علم النفس. و في مرحلة ما قبل السلوكية هذه ظهرت أعمال هيرمان ایبنجهاوس ) في مجال الذاكرة وتكرار قوائم الكلمات والتي لعبت دورا كبيرا في التطور اللاحق لتجارب إدوارد إل. ثورندايك، وكلارك هل، وايدوين جثري، وغيرهم، و يذكر انه في الوقت الذي كان فيه علم النفس التجريبي لا يزال في مراحله الأولى كان اینجهاوس يقدم نظرة منهجية وموضوعية لدراسة التعلم البشري.

أما المرحلة السلوكية أو الشكل المتطرف لنظرية الارتباط الذي تبناه جون ب. وطسون (12) فقد جاءت نتيجة تأثير ايفان بافلوف (13) الذي يعترف بدوره بفضل شارلز داروين وثورندايك عليه. كما أن ما قدمه بافلوف وثورندايك ووطسون كان له تأثير على أعمال لاحقة هامة في مجال النظرية السلوكية قام بها هل (4) وجثري (د) وإدواردش تولمان (۱۹).

أما في المرحلة المعاصرة من تاريخ البحث في التعلم فقد اتجه تفكير علماء النفس إلى بذل مزيد من الجهد نحو وضع تخطيط للقدرات المعرفية والوجدانية للكائن العضوي في التعلم وقل الاهتمام بالكشف عن تلك الأنماط المنتظمة في سلاسل الأحداث السلوكية التي يمكن التوصل إليها بطريقة تجريبية. بينما ازداد الاهتمام بالدافعية والاقتران والتعزيز.

القضايا الرئيسية:

تقويم التعلم: أدى الاعتماد على التفسيرات الكمية (accountability) إلى ازدياد الاهتمام بالقياس في التعلم. وفي الماضي كان المنظرون في التعلم يكتفون في بحوثه بوضع الفرضيات ثم إخضاعها للاختبار، أما الآن فقد أدى ذلك إلى طرح سؤال اکثر شمولا وهو: ما الذي يتم تعلمه غير ذلك؟ وللإجابة على هذا السؤال جرى أعداد وتطوير أساليب قياس غاية في التعقيد مما حدا بالكثير من التربويين الممارسين إلى توجيه النقد المتزايد لهذه الأساليب ومن ثم التخوف من الإفراط في عملية القياس أو المبالغة فيها .

أضف تعليق