ملخص نظريات التعلم

ملخص نظريات التعلم

مكانة نظرية الارتباط في الوقت الحاضر:

بدأت نظرية ثورندايك في التعلم عندما نشر أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه «ذكاء الحيوان في عام 1998، ومنذ ذلك الوقت استطاع أن يكون له أثر مباشر على نظريات التعلم وعلم النفس والتربية، ذلك الأثر الذي امتد طوال أربعة عقود وتوجه بكتابه «الطبيعة الإنسانية والنظام الاجتماعي» الذي نشر عام 1940، ومع أن تأثيره على موضوع التعلم لا زال قائما حتى الآن إلا أن النظرة السلوكية لمفهوم التعلم لم تعد تحظى بالاهتمام الذي حظيت به في الماضي، فالاتجاه المعاصر يميل نحو الأخذ بالنظرية المعرفية والتي أخذت تزداد رسوخا يوما بعد يوم. كما يميل الاتجاه العام نحو الاهتمام بالطبيعة النشطة لمعالجة المعلومات. ويبدو أن هذه التحولات تبتعد عن بحث مشكلة ماهية التعلم ذاتها وتتجه إلى البحث في الحلول الخاصة بدراسة التفاعل المعقد الذي يتم بين الخبرة من جهة وبين التركيب البيولوجي للكائنات الحية من جهة أخرى. ولما كان أنصار نظرية التعلم الحديثة هذه

لا ينظرون إلى عملية التعلم من منظار واحد أو موحد فهم لذلك اكثر استعدادا لقبول نظريات متعددة يختمر كل منها بجانب من جوانب عملية

التعلم

والقول بأن نظريات ثورندايك قد عفا عليها الزمن وأصبحت الآن غير ذات موضوع يشبه في حقيقته القول بإمكانية بناء ناطحة سحاب دون الحاجة إلى وضع أساس لها . وكلا القولين غير صحيح، حقيقة أن النظريات الحديثة لا تولى مفاهيم نظرية الارتباط في التعلم مثل الاقتران والتكرار والأثر أهمية كبيرة وخصوصا وإنها أصبحت الآن مفاهيم تقليدية ولكن رغم ذلك فلا مجال لإنكار أهميتها في فهم عملية التعلم في الماضي والمستقبل . ولعل من المناسب القول أن مفاهيم الترابط صار لها دور مختلف عن السابق بل ربما كان هذا الدور الآن أكثر شمولا إذ أصبحت هذه المفاهيم نقاط ارتكاز للوصول إلى النظريات الحديثة وان كان لا ينظر لها من منظار ثورندايك ونظريته في المثير والاستجابة الخالصين ولا من منظار هل في نظريته تكوين العادات. ومن المحتمل أن يظل مفهوم الارتباط قائما في الفكر السيكولوجي لفترات زمنية طويلة قادمة، أما تقرير ما إذا كان سيظل من الناحية الوصفية أو من الناحية النظرية مفهوما محايدا اكثر مما كان

في الماضي فهذا ما لا يمكن تقريره الآن (68)

وإذا جاز لنا أن نعتبر أن بعض النقد هو في حقيقته نوع من المديح لحق القول بأن تأثير ثورندايك على أبحاث علم النفس المعاصرة لازال تأثيرا كبيرا ونخص بالذكر ثلاثة عناصر رئيسية في أبحاثه لها أهمية بالغة على النظريات المعاصرة وهذه العناصر هي ا- قانون الأثر وتطبيقاته على التعلم

عند الإنسان و 2- تساؤلاته عن التعلم دون وعي و 3- التفسيرات المعاصرة القانونه الخاص بانتشار الأثر. وربما كانت أهمية نظريات ثورندايك في الوقت الحاضر لا تكمن فيما إذا كانت نظرياته صحيحة أم خاطئة أو كانت ذات طابع نظري محض أم أن لها دورة تطبيقية أو فيما إذا كانت تستند إلى أساس علمي أم لا-بل تكمن هذه الأهمية في أن نظريات ثورندايك قد حفزت جميع أصحاب نظريات التعلم الرئيسية أقساس وضع الأسئلة والافتراضات ومحاولات تجميع النتائج في نظريات للتدليل على صحتها أو الإثبات خطئها.

نظريات التعلم الأخرى

الجشطلتيه (Gestalitism) إذا ما سمي السلوكيون الجدد (أو أصحاب النظرية الترابطية بالرواد الأوائل لنظريات التعلم المعاصرة فلا بد أن يسمي الجشطلتيون بالرعيل الثاني، وقادة هذه النظرية الأربعة هما ماکس فيرتهيمر)، وولفجانج كوهلر” وكيرت كوفكا (70)، وكيرت ليفن (72). ومع انهما ولدوا جميعا في ألمانيا حيث نشأت النظرية الجشطلتية إلا أنهم هاجروا أتساس الولايات المتحدة وحملوا النظرية معهم.

ينظر الجشطلتيون إلى ظاهرة التعلم كظاهرة وثيقة الصلة بالإدراك ومن ثم فهما يعترفون التعلم على أنه «إعادة تنظيما الإدراك أو العالم السيكولوجي عند المتعلم، وهذا ما يسمونه مجال المتعلم (Learning Field) ونظرا لعدم توفر ترجمة دقيقة لكلمة Gestalt الألمانية فلعل اقرب كلمة لها في اللغة الإنجليزية(72) هي كلمة configuration

وفي منتصف العشرينات من هذا القرن أخذ الجشطلتيون يجمعون عددا كبيرا من الأنصار حتى غدوا المنافس الأول لأصحاب نظرية الارتباط المثير والاستجابة (مس). وفي محاولة لاختبار فرضية التعلم عن طريق

المحاولة والخطأ لثورندايك کتب کوفکا کتابه نمو العقل في عام 1925 وتحمس بيفن للنظرية الجشطلتية فأضاف لها بعض المفاهيم الجديدة وصاغ لها مصطلحات جديدة. فنظريته المعروفة باسم «سيكولوجية المجال المعرفي أصبحت تعرف في علم النفس بأسماء أخرى مثل «سيكولوجية القوي الموجهة أو علم النفس الطوبولوجي». ويعتبر الكثيرون أن كتابات ليفن في علم النفس تأخذ مدخلا أكثر تقدما وتنظيما عن غيرها من مداخل الكتابات الأخرى.

ويتمثل أحد الاختلافات الرئيسية بين نظرية الارتباط لثورندايك ونظرية المجال المعرفي ل «ليفن في موقف كل منهما من عملية التعلم. ففي حين كان ثورندايك يعتقد بأن كل تعلم لابد وأن يؤدي أتساس زيادة في التعلم، كان ليفن وغيره من أصحاب نظرية المجال يرون أن كل تعلم يؤدي أتساس زيادة في الاستبصار، ولقد بقيت الخلافات حول هذا الموضوع مستمرة بين الطرفين، فالمفاهيم التي تبناها الجشطلتيون عن الاستبصار لها دلالة كبيرة في التعلم الحركي. ومن أشهر التجارب التي أجريت في هذا المجال تجارب كوهلر وأبحاثه على دراسة التعلم عند قردة الشمبانزي ).

كذلك ينسب روبرت ل. ديفز الفضل إلى الجشطلتيين في إعطاء علم النفس كعلم قوة دفع جديدة. فقد كان يعتقد بأنهم أعادوا تأكيد صحة الاتجاهات التربوية السائدة آنذاك مثل المنهج المتكامل، والصحة النفسية والتأكيد على شخصية الفرد المتكاملة اجتماعية، بالإضافة إلى تأكيد الحاجة أتساس إيجاد متعلمين قادرين على إعطاء الاستجابات الخلاقة والهادفة .

نظرية التعلم الإحصائية لاستی

Estes, s Statistical Learning Theory

نذكر نظرية و. ك. استس هنا ليس لكونه واحدا من أصحاب نظريات التعلم المعروفين فحسب، بل لأنه من المنظرين المعاصرين في التعلم الذين عاصروا أبحاث ثورندايك وجثري من خلال تجاربه على مفهوم تعميم المثيرة). ونذكره هنا كذلك نظرا للطبيعة الخاصة التي اتسمت بها أعماله، تلك الطبيعة التي لا تعتمد إطلاقا على المفاهيم التقليدية. ففي مقالته المشهورة «نحو نظرية إحصائية للتعلم”. عام 1950 استطاع أن يوسع من

نطاق نظرية الاقتران التي وضعها جثرى. وقبل ذلك ادخل المزيد من التعقيد على عالم نظريات التعلم عندما أجرى معظم تجاربه في إطار إحصائي. وعلى النقيض من قل وسكنر اللذين كانا يعتبران احتمال الاستجابة متغيرا نظريا تابعا ، كان استس ينظر إلى تعدد الاحتمالات هذا بمعنى رياضي بكل ما تحمله كلمة «رياضي، من معنى، وان ارتباطها المباشر بالمتغيرات التابعة تجريبية مثل افتراض الاستجابة المشروطة في التجارب الشرطية الكلاسيكية أو مثل الاتجاه يمينا أو يسارا في المتاهة المعدة على شكل حرف (T) في اللغة الإنجليزية

كان جثري يؤكد على أهمية تعدد مصادر الفعل المثير على الكائن الحي في المواقف الشرطية ولكنه لم يستطع توضيح الطريقة التي تتحد بها هذه العناصر وكأنه يوحي أو يقول بصورة ضمنية أن كلا من هذه العناصر يعمل بصورة مستقلة عن الآخر، ولذلك وضع فيما بعد نظرية تقوم على نموذج ارتضاه وتؤدي إلى التغلب على جوانب الضعف في منهجه. ولكن إستس كان يتبنى وجهة النظر القائمة على العناصر المستقلة، أو نظرية العناصر المثيرة في مقالته عام 1950 المشار إليها، وفي وقت لاحق قام بتطوير نماذج للتعلم وقد وصف نموذجه في عينة المثيرات وعينة الاستجابات في فصل لما تضمه هذه الترجمة. واستطاع إستس فيما بعد أن يطور إجراء تجريبيا اسماه (المحاولة المعززة) ثم المحاولة الثانية بوجود مثير، ثم المحاولة الثالثة بوجود مثير أيضا (محاولة ، تعزيزمحاولة 2، تعزيزمحاولة 3 تعزيز) لتقويم الافتراض القائل بفكرة «الكل أو لاشيء، فاستخدم موقفا يتضمن تعلم وحدات مزدوجة (و. م) عن طريق الاستدعاء وذلك بعرض واحد لوحدات مزدوجة ثم إجراء محاولتين من الاختبارات عليها ، وللتمثيل على ذلك لو افترضنا موقفا بعيد الاحتمال فيه يتعلم شخصان زوجة واحدة من وحدات التعلم بهذه الطريقة متجاهلين في نفس الوقت قدراتهما على التعلم متساوية، ولنفرض أن نتيجة الاختبار الأول أظهرت أن نسبة الإجابة الصحيحة هي 50٪ . أي أن مفحوصا واحدا قدم إجابة صحيحة والآخر قدم إجابة خاطئة، فلو افترضنا أن كلا من المفعوصين قد فهما المثير فهما صحيحا في الاختبار الثاني، فمن المحتمل أن يقدم كل من الشخصين إجابة صحيحة بدرجة متساوية ولكن افتراض «الكل أو لا شيء» ينص على

أضف تعليق