فرضیات نظرية الاشراط الكلاسيكي

ا- يمكن إشراط الكائن الحي عن طريق المثيرات المحايدة التي تتم قبل الإشراط

استطاع كلينمان وكريسلر عن طريق استخدام الكلاب موضوعا للتجارب أن يظهر أن الغثيان يمكن أن يكون استجابة شرطية, فقد شدت عدة كلاب إلى نيران خشبية وبقيت على هذه الحالة فترات زمنية مختلفة . ثم أعطى لها مثير غير شرطي يتكون من حقنة مورفین (morphine) حقنت بها تحت الجلد بحيث تؤثر على عدد كبير من مراكز الأعصاب مما يسبب

حالة غثيان عام ونتيجة لذلك ظهرت إلى الكلاب أعراض تمثلت في اللهث واللعاب الغزير والتقيؤ وغيرها من علامات الضيق والانزعاج. ويعد تكرار هذا الإجراء لعدة شهور بدأت تظهر على الكلاب الكثير من مظاهر الغثيان بمجرد شدتها إلى النير وقبل حقنها بالمورفين. إذ أصبح مجرد ربطها إلى غير التجارب مثيرا شرطيا يستدعي الاستجابة الشرطية المتمثلة في الغثيان. هذه التجارب وأمثالها وضعت الأساس للتجارب التي طبقت على الإنسان في مرحلة لاحقة. فقد أورد مونت وبيتون وایلیس ویارنز أنهم أجروا تجارب تمثلت في إعطاء حقنة انكتين (anecime) في الذراع لعدد من المدمنين على الكحول بمجرد أن يشرب الواحد منهم قدحا من المشروبات الكحولية المفضلة لديه. وقد أدلى المخدر إلى تأثير أشبه ما يكون بالشلل على الجهاز التنفسي والى شعور الأشخاص الذين أجريت عليهم التجربة وكأنهم يتعرضون لتجربة مخيفة، وبمتابعة حالة الأشخاص التسعة الذين أجريت عليهما التجربة تبين أن واحدة فقط عاود تعاطي الكحول بعد ذلك.

ومحاولات العلاج بالوسائل المنفرة لها تاريخ طويل ومن المحاولات الأولى لهذا النوع من العلاج التي سجلها التاريخ محاولات كان الرومان يستخدمونها وتتمثل في وضع ثعبان الماء الحي في كأس الخمر لمعالجة الإدمان على تعاطي المسكرات (۹)

في تقديم المثير الشرطي وحده قد يضعف الاستجابة الشرطية ويطفئها في نهاية الأمر

لاحظ بافلوف أن الكلاب التي جرى اشراطها للنقمة الموسيقية المقترنة بالطعام تتوقف عن إفراز اللعاب إذا ما قدمت النغمة وحدها بعد عدة محاولات وأن الاستجابة قد ضعفت تدريجيا حتى أصبحت لا وجود لها في نهاية الأمر، وفي مثل هذه الحالة يقال أن الاستجاية انطفأت قالمحاولات القائمة على تقديم المثير الشرطي بدون المثير غير الشرطي الذي يؤدي إلى حدوثه تسمى محاولات الانطفاء. والواقع أن الاستجابة التي انطفأت قد لا تفقد تماما بل أنها قد تكف فقط. فمن المعروف انه بعد أن يكون قد تم الإطفاء وأعقبته فترة راحة من التجارب فان المثير الشرطي تظل لديه

القدرة على إعادة تنشيط الاستجابة الشرطية لفترة قصيرة، وهذه الظاهرة يطلق عليها اسم الاسترجاع التلقائي (spontaneous recovery) . ومع أن الاستجابة تتم على صورة ضعيفة نوعا، فان زيادة الاقتران بین المثير الشرطي والمثير غير الشرطي تؤدي إلى جعل المثير الذي جرى إشراطه في السابق يعاود نشاطه السابق أما إذا ازدادت محاولات إطفاء المثير فإن الاستجابة تضعف تدريجيا وأخيرا تنطفى نهائيا.

والاستجابات الأخرى التي ارتبطت بالمثير الشرطي الأول تتعرض هي الأخرى لعملية الانطفاء إذا لم يتم تعزيزها وانتشار عملية الكف هذه يطلق عليها اسم تناقض أو تضاؤل التعميم (generalization increments).

– تعميم المثير يتم وفق أسس محددة

يمكن توضيح تعميم المثير باستخدام مثير شرطي متمثل في نقمة ترددها الف ذبذبة في الثانية الواحدة. وكمثال على ذلك يمكن أن نستخدم الطعام كمثير شرطي للحيوانات الجائعة. وتبدأ بعملية اقتران بين النغمة والطعام حتى يسيل لعاب الكلاب بمجرد سماع النغمة ولكن في هذا المثال ستجري التجربة بصورة مختلفة بعض الشيء عن التجارب الأخري. فبعد أن نكون قد أتممنا عملية الأشراط فإننا نسمع الكلب النقمة ونحدد حجم الاستجابة الشرطية عن طريق قياس قطرات اللعاب التي كلما ازداد عددها كلما كانت الاستجابة الشرطية أكير، وبالإضافة إلى تقديم النغمة ذات الألف ذبذبة نقدم تقمات ذات ذينيات أعلى ونغمات أخرى ذات ذبذبات أدنى أي نغمات لها 250 ذيذية في الثانية و 2000 ذيذية في الثانية و 400 ذبذبة في الثانية وهكذا، وما سنحصل عليه من استجابات شرطية تشمل ليس مجرد الاستجابة الشرطية المحددة التي زاملنا ما بينها وبين المثير الشرطي فحسب بل استجابات شرطية أخرى لمثيرات قريبة من المثير الشرطي الأصلي. وبعبارة أخرى فإننا نحصل على استجابة شرطية للتنمية ذات ال 1200 ذبذبة والے 500 دينية بالإضافة إلى تفعات أخرى مع أن النغمة ذات ال 1000 ذبذبة كانت هي المثير الشرطي الأصلي. وعلى كل حال فان حجم الاستجابة الشرطية كما قيست بمقدار قطرات اللعاب بالنسبة لهذه النغمات الأخرى أقل قياسا بالنسبة للحجم الذي حدده المثير الشرطي الأصلي المتمثل في 1000 ذبذبة في الثانية وكلما قل التشابه بين المثير الأصلي والمثيرات الأخرى

تعريف الاشراط الكلاسيكي

الشرطية على الاستجابة الأولية لمثيرين شرطيين مختلفين ثم يتبع ذلك محاولات شرطية من شأنها تعزيز الاستجابة لواحد من المثيرين الشرطيين دون الآخر، وفي مصطلحات التعلم المستخدمة حاليا فان هذا يسمى التدريب على التمييز أما بافلوف فيقول أن هذا يعني حدوث کف للمثيرات غير المعززة.

  1. الكف الشرطي: ويحدث عندما يقدم مثير شرطي ضمن مجموعة كبيرة من المثيرات المعززة، ومع أن المثير المعزز وحده سوف يؤدي إلى استدعاء الاستجابة الشرطية إذا ما قدم مستقلا فانه (أي المثير المعزز) يفشل في استدعاء هذه الاستجابة الشرطية عندما يقدم ضمن مجموعة من المثيرات غير المعززة

4- كف التأخير: وينجم عن التأخير بين وقت بداية المثير الشرطي وبين التعزيز ، ونظرا لأنه يلزم وقت أطول من الوقت الأمثل بين بدء المثير الشرطي وتقديم التعزيز، مثل ما هي الحال بالنسبة للإشراط المتأخر وإشراط الأثر (انظر مناهج البحث للاطلاع على وصف لهذين الإجراءين) فإن كف الاستجابة الشرطية يحدث في وقت مبكر في الفترة الزمنية ما بين المثير الشرطي والمثير غير الشرطي. وكلما اقترب وقت التعزيز من أثر الكف، فان التنبيه يقضي على أثر الكف وينتهي الأمر بالاستجابة الشرطية

وكان بافلوف يعتقد بأن كلا من الكف والتنبيه ينتشران في كل مكان من اللحاء الدماغي وقد أطلق على هذه العملية اسم الإشعاع وهو ما يشار إليه سلوكيا باسم التعميم. كما أطلق على عملية أخرى مضادة لعملية الإشعاع اسم التركيز والتي تحدث عندما يكون التنبيه والكف محصورين في مناطق محدودة من لحاء الدماغ. وقد أطلق بافلوف على هذه التحديدات المكانية أو الموضعية لوظائف اللحاء الدماغي اسم الخريطة الوظيفية (mosaic of functions) للحاء المخي.

والخلاصة هي أن بافلوف كان هو المسؤول عن قبول الانعكاس الشرطي کوحدة من وحدات التعلم الأساسية. وكان لتجاربه وأفكاره أثر عظيما في الكشف عن حقائق جديدة ليس في مجال التعلم فحسب بل في علم النفس بصورة عامة، ويقول جريجوري رازران أنه أثناء قيامه بدراسته المسحية) وجد ما يقرب من ستة آلاف تجربة تستخدم إجراءات بافلوف على وجه

التحديد وأن نتائج هذه الأبحاث قد نشرت في تسع وعشرين لغة مختلفة

وختاما كان بافلوف يصر على اتباع الإجراءات العلمية الصارمة الأمر الذي جعله قادرا على تحديد الكثير من المتغيرات الهامة التي تنطوي عليها عملية الإشراط تحديد كميا دقيقاء

المنظرون الرئيسيون

كان ايفان ام. سيشينوف (1829-1905) الأب الروحي لعلم وظائف الأعضاء في روسيا ومع أن بافلوف كان أعلى العلماء الروس مكانة إلا أنه يعترف إن کتاب انعكاسات الدماغ (Reflexes of the Brain) لسيشنوف الذي نشر في روسيا عام 1863 كان مصدر الإلهام الأكثر أهمية في أعماله. وكان سيشنوف قد تلقى تدريبه في ألمانيا وفرنسا وكان مسؤولا عن نقل الكثير من الأفكار إلى روسيا ، وقد كانت أعمال العلماء الألمان هي الأشد تأثيرة عليه في عمله وكان يحاول تفسير العمليات النفسية التي كانت تدرس في مختبر وندت على أسس فسيولوجية أسلم وكان الهدف العملة الرئيسي هو أن يوضح بما لا ليس فيه العمليات الفسيولوجية التي تقوم عليها العمليات النفسية وان تفسير العمليات النفسية في رأيه يمكن أن يتم على أساس مفهوم الانعكاس وقد أطلق على هذا الاتجاه اسم علم النفس الموضوعي وكان يعني به إن جميع الظواهر النفسية الشعورية واللاشعورية يمكن إرجاعها في آخر الأمر إلى حركات عضلية أو نشاط انعكاسي.

ومع أن علم النفس الموضوعي لسيشتوف كان له تأثيره على أفكار بافلوف، إلا أن أعمال سيشينوف لم تحظ إلا باهتمام لا يكاد يذكر في أمريكا لأن هذه الأعمال لم تكن متاحة باللغة الإنجليزية إلا في منتصف القرن العشرين.

وكان فلاديمير بختيریف (1857-1927) عالما روسيا في مبحث الانعكاسات شأنه في ذلك شأن سيشينوف وبافلوف وعمل أيضا في الأكاديمية الطبية العسكرية في جامعة سانت بطرس. وفي عام 1907 قام بتأسيس معهد العصاب النفسي حيث عمل هناك بصفته طبيبا نفسيا اكثر من كونه عالما فسيولوجيا، وعلى النقيض من بافلوف كان بختيریف مهتما بإيجاد علم نفس جديد يقوم على مبادئ الإشراط. وظهر كتابه الهام علم النفس الموضوعي (2) (Objective Psychology) لأول مرة عام 1907 ثم ترجم إلى

اللغتين الألمانية والفرنسية عام 1913 ثم ترجم إلى الإنجليزية بعنوان General) (Principles Of Human Reflexology أو مبادئ عامة في علم الانعكاسات الإنساني في عام 1932، وكانت دراساته عن الإشراط مستقلة عن بافلوف في بادئ الأمر كما كان المسؤول الأساسي أكثر من بافلوف عن تقبل علماء النفس للإشراط، وبالتدريج أخذت وجهة نظره تعرف باسم علم الانعكاسات (Reflexology) وهي تؤكد أهمية المفاهيم الفسيولوجية وإنكار المناهج العقلية أو الاستبطاني، وقد ندح بختيريف في توضيح إشراط الاستجابات مثل الاستجابات الخاصة بأعصاب القلب والجهاز التنفسي وكذلك ثني مفاصل الأرجل والأصابع، وقد حظي هذا النمط من الإشراط بقبول من علماء النفس في أمريكا اكثر مما حظيت به فكرة الإشراط اللعابي. وبالإضافة إلى ذلك فقد وضع الفكرة القائلة بأن التفكير هو بكل بساطة كلام غير صوتي وهي وجهة نظر اقتبسها كل من جون بي. واطسن وسكر فيما بعد .

وباستخدامه لإجراءات بافلوف استطاع بختيريف أن يبين نمطا مختلفا من أنماط الإشراط الكلاسيكي. فقد أسمع كلبا صونا لمثير محايد على شكل نغمة موسيقية وأتبعها بصدمة كهربائية على مخلب الكلب الأمامي وبعد عدة عمليات اقتران بين النغمة والصدمة بدأت النغمة وحدها في استدعاء الاستجابة المتمثلة في شي الكلب لمخلبه، وتختلف هذه التجربة عن تجربة بافلوف الكلاسيكية من ناحيتين في الأقل هما: الأولى أن المثير الذي استخدم الاستدعاء الانعكاس في بادئ الأمر كان صدمة كهربائية والثانية يستخدم أي عامل تعزيز مثل ما كانت الحال في تجربة بافلوف على الشهية، وهذا النوع من الإشراط يشار إليه عادة باسم الإشراط الدفاعي (defense conditioning). وقد كانت هذه التجربة هامة بصورة خاصة في إقناع واطسون کي يدخل الانعكاسات الاشراطية في النظرية السلوكية الأمريكية

وكان لأعمال بافلوف وكذلك أعمال إدوارد إل. ثورندايك (انظر الفصل الأول) تأثير على أعمال الكثيرين من علماء التعلم من بينهم إدوين جثري وكلارك هل وكينيث سبنس وإدوارد سي تولمان وكذلك واطسن وسكنر. ومن بين هؤلاء كان جون واطسن (1878-1958) أكثر هؤلاء العلماء تأثرا بعلماء الانعكاس الروس، وفي بادئ الأمر كان واطسن مهتما بالفلسفة اكثر من

أضف تعليق