الألات والذكاء الاصطناعي المنافس القادم لا محالة

لم يتوقع المقامر أن يكون هنا، لكنه بعد تفكير عميق ظن أنه قدم في حياته بعض الإحسان. كان هذا المكان أكثر جمالا وروعة مما كان يتخيل، فحيثما تذهب تر أفخم الثريات، وأفخر أنواع السجاد اليدوي، وأشهى الأطعمة، وبالطبع أجمل النساء اللاتي كان يبدو عليهن الانبهار برفيقهن الجديد في الفردوس. جرب لعب الروليت، وما يثير الدهشة أن رقمه كان يظهر مرة بعد أخرى، وجرب موائد القمار، وكان حظه حسنا، ففاز في جولة بعد الأخرى، ولا شك أن فوزه كان يثير اهتماما كبيرا لدى الموظفين اليقظين والنساء الجميلات على السواء

 

استمر ذلك يوما بعد يوم، وأسبوعا بعد أسبوع، وظل المقامر يفوز في جميع الألعاب، ومكاسبه تتراكم أكثر فأكثر، وكان كل شيء يسير وفق رغبته، فظل يحقق المكاسب، وأسبوعا بعد أسبوع، وشهرا بعد شهر، استمرت سلسلة النجاحات المتتابعة للمقامر دون توقف

بعد مدة أصبح الأمر باعنا على الملل، وبدأ المقامر يشعر بالضجر، وبدأ الفوز يفقد معناه، إلا أن شيئا لم يتغير، فقد ظل يفوز في جميع الألعاب، حتى حدث ذات يوم أن توجه المقامر المكروب إلى الملاك المسئول وقال إنه لم يعد يستطيع أن يتحمل أكثر من ذلك، فهو في النهاية ليس من أهل الجنة، بل هو من أهل ذلك المكان الآخر»، وهو يود أن يكون هناك.

فأجابه الملاك: «لكن هذا هو المكان الآخر.»

هذا ما أتذكره من إحدى حلقات مسلسل Twilight Zone التي رأيتها عندما كنت طفلا صغيرا، لا أتذكر عنوان الحلقة، لكنني أستطيع أن أضع لها عنوان «رب أمنية جلبت منية»، وكما هي العادة مع هذا المسلسل الجذاب، فإنه يصور إحدى التناقضات في الطبيعة البشرية، فنحن نحب أن نحل المشاكل، لكننا لا نحب أن تصبح كلها محلولة، ليس أسرع من اللازم على أية حال. إننا نرتبط بالمشاكل أكثر من ارتباطنا بالحلول. لنأخذ الموت على سبيل المثال، فنحن نبذل قدرا كبيرا من جهدنا لتجنبه، ونبذل جهودا غير عادية لتأجيله، وفي أحوال كثيرة نعتبر وقوعه حدثا مأساويا، لكننا سنجد أن من الصعب الحياة بدونه، فالموت يضفي معنى على حياتنا، ويعطي الزمن أهمية وقيمة، ولو أن الموت أجل إلى أجل غير مسمى، فقد تنتهي النفس البشرية إلى ما انتهى إليه المقامر في حلقة Twilight Zone

الم نصل بعد إلى هذه الأزمة، فليس لدينا نقص حاليا لا في الموت ولا في المشاكل الإنسانية، ويشعر عدد من المراقبين بأن القرن العشرين ترك لنا الكثير من الأشياء الجيدة، فهناك رخاء قائم على تكنولوجيا المعلومات يزداد يوما بعد يوم، وليس ذلك أمرا عارضا، لكن الجنس البشري لا يزال يواجه تحديات من قضايا ومصاعب لا تختلف تماما عن تلك التي انشغل بها منذ بدء تاريخه على الأرض.

سيكون القرن الحادي والعشرين مختلفا، فسوف يستطيع الجنس البشري بمساعدة تكنولوجيا الكمبيوترات التي ابتكرها حل مشكلات قديمة قدم الدهر، مثل الفقر، وربما الرغبة، وستكون لديه القدرة على تغيير طبيعة الموت في مستقبل ما بعد الكائنات الحية. هل لدينا الطاقة النفسية لتلقي كل الأشياء الطيبة التي تنتظرنا؟ على الأرجح لا. وعلى أي حال ربما يتغير ذلك أيضا.

قبل نهاية القرن المقبل، لن تظل الكائنات البشرية هي أكثر الكائنات ذكاء ومقدرة على كوكب الأرض، ولكن دعني أتراجع عن هذا القول، فالعبارة السابقة تعتمد على تعريفنا للبشرية. ونرى هنا اختلاقا عميقا بين قرنين؛ فالقضية السياسية والفلسفية الأساسية للقرن المقبل في تعريف من نحن.؟

لكنني أستبق الأحداث. لقد شهد القرن الماضي تغيرا تكنولوجيا هائلا صاحبته اضطرابات اجتماعية، وهو ما تنبأ به بعض العلماء عام ۱۸۹۹ تقريبا. ومعدل التغير آخذ في التصاعد، وقد حدث ذلك منذ بدء الاختراع (وهو ما سوف أتناوله في الفصل الأول، وهذا التسارع سمة أصيلة في التكنولوجيا). والنتيجة أن العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين سيشهدان تحولات أكثر بكثير مما شهده القرن العشرون بكامله. ومع ذلك فإنه لإدراك المنطق الحتمي لما سوف يقودنا إليه القرن الحادي والعشرين، علينا أن نعود إلى الخلف لنبدأ من الحاضر.

انتقال إلى القرن الحادي والعشرين تخطت الكمبيوترات الآن الذكاء الإنساني في مجموعة متنوعة من مجالات الذكاء التي ما زالت محدودة مثل لعب الشطرنج، وتشخيص بعض الحالات الطبية، وشراء الأسهم وبيعها، وتوجيه صواريخ كروز. ويظل الذكاء الإنساني بصورة عامة أكثر طواعية ومرونة بكثير. ولا تزال الكمبيوترات عاجزة عن وصف الأشياء على مائدة مطبخ مزدحمة، أو عن كتابة ملخص فيلم، أو ربط أربطة الأحذية، أو تحديد الفوارق بين الكلاب والقطة (مع أنني أعتقد أن هذه المهارة أصبحت ممكنة حاليا بواسطة الشبكات العصبية الحديثة، وهي النسخة الكمبيوترية من الخلايا العصبية البشرية)، أو إدراك الفكاهة، أو القيام بالمهام الأخرى الدقيقة التي يتفوق فيها مبدعها الإنساني.

أحد أسباب هذا التفاوت في القدرات هو أن أكثر كمبيوتراتنا تطورا ما زالت أقل تعقيدا من العقل البشري، وهي تقل عنه في الوقت الراهن بمليون مرة (أضف إلى هذا الرقم أو اطرح منه عشرة أضعاف وفقا للافتراضات المستخدمة). لكن هذا التفاوت لن يظل على حاله مع بدايات القرن القادم. كانت سرعة الكمبيوترات تتضاعف كل ثلاث سنوات في بداية القرن العشرين، ثم كل سنتين خلال عقدي الخمسينيات والستينيات، وهي تتضاعف حاليا كل اثني عشر شهرا. وسوف تستمر على هذا المنوال حتى تصل الكمبيوترات إلى سعة الذاكرة وسرعة إنجاز العمليات الحسابية لدى المخ البشري في ۲۰۲۰ تقريبا.

ووصول الكمبيوترات إلى درجة التعقد والكفاءة المميزين للعقل البشري لن يؤدي تلقائيا إلى كمبيوترات تتمع بمرونة الذكاء الإنساني، فتنظيم هذه الموارد – برامج الذكاء – ومحتوياتها مهم أيضا. وإحدى وسائل محاكاة برنامج المخ هي الهندسة العكسية، أي مسح المخ البشري (وهو ما سيصير ممكنا في أوائل القرن المقبل ثم نسخ دوائره العصبية في كمبيوتر عصبي (كمبيوتر مصمم لمحاكاة عدد هائل من الخلايا العصبية البشرية) ذي سعة كافية.

هناك عدد هائل من السيناريوهات التي يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى الذكاء البشري في الآلات، وسوف يكون بوسعنا إنشاء وتدريب نظام يجمع بين الشبكات العصبية المتوازية وغيرها من النماذج الأخرى على فهم اللغة وتوصيف المعرفة، بما في ذلك القدرة على قراءة وفهم الوثائق المكتوبة. ومع أن قدرة الكمبيوترات الحالية على استخراج وتعلم المعرفة من وثائق اللغة البشرية محدودة تماما، فإن قدراتها في هذا المجال تتطور بسرعة. في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ستكون الكمبيوترات قادرة على القراءة بنفسها، وفهم وتوصيف ما تقرؤه، وسيكون لدينا عندئذ كمبيوتراتنا التي تقرأ كل المواد المطبوعة في العالم، مثل الكتب والمجلات والدوريات العلمية وغيرها من المواد المتاحة. وأخيرا ستجمع الآلات المعلومات بنفسها عن طريق التفاعل مع العالم المادي، والتعامل مع وسائل الإعلام وخدمات المعلومات بجميع أشكالها، وتبادل المعلومات فيما بينها (وهو أمر أيسر كثيرا في حالة الآلات منه في حالة صناعها من البشر).

وبمجرد أن يصل الكمبيوتر إلى مستوى الذكاء البشري، فسوف يصبح باستطاعته تجاوزه، وقد فاقت الكمبيوترات منذ ظهورها القدرات العقلية البشرية في قدرتها على تذكر ومعالجة البيانات، فالكمبيوتر يستطيع أن يتذكر مليارات بل تريليونات البيانات بالكامل، في حين أننا نجد مشقة كبيرة في تذكر بضعة أرقام هواتف، كما أن الكمبيوتر يستطيع في أجزاء من الثانية أن يبحث بسرعة في قاعدة بيانات بها مليارات من المعلومات. وتستطيع الكمبيوترات بسهولة أن تتبادل قواعد المعرفة. والمزيج من الذكاء الذي يعادل الذكاء الإنساني والتفوق الطبيعي للكمبيوترات في السرعة والدقة والقدرة على تبادل المعلومات سيكون مزيجا مخيفا.

تعد الخلايا العصبية لدى الثدييات إبداعا هائلا، لكننا ما كنا لنصنعها بنفس الطريقة؛ فمعظم ما بها من تعقيد مخصص لدعم عملياتها الحيوية الخاصة، وليس القدراتها على معالجة المعلومات، هذا إلى جانب أن الخلايا العصبية بطيئة للغاية، والدوائر الإلكترونية تفوقها في السرعة مليون مرة على الأقل. وبمجرد أن يصل الكمبيوتر إلى المستوى البشري في القدرة على إدراك المفاهيم المجردة، وتمييز الأنماط، إلى غير ذلك من خصائص الذكاء البشري، سيصير بإمكانه استعمال هذه القدرة على قاعدة معرفة تضم كل ما اكتسبه البشر والآلات من معرفة.

أحد ردود الفعل الشائعة على فرضية أن ذكاء الكمبيوترات سوف ينافس الذكاء البشري هو رفضها على أساس إمكانيات الكمبيوترات الحالية، فأنا عندما أتعامل مع كمبيوتري الخاص يبدو ذكاؤه محدودا وهشا، هذا إن بدا لي ذكيا في الأصل، ومن الصعب أن أتصور أن يكون لدى الكمبيوتر الشخصي روح الدعابة، أو يكون له رأي، أو يتصف بغير ذلك من الصفات البشرية المحببة.

لكن أحدث التكنولوجيات في مجال الكمبيوتر في تطور مستمر، وتتمتع الكمبيوترات اليوم بقدرات كنا نحسبها خيالا منذ عقد أو عقدين من الزمن، ومنها قدرة الكمبيوتر على أن يدون بدقة الكلام البشري الطبيعي المتصل، وقدرته على فهم اللغة الطبيعية المنطوقة والاستجابة بردود ذكية، وقدرته على تمييز الأنماط في الإجراءات الطبية مثل مخططات كهربية القلب واختبارات الدم بدقة تتحدى دقة الأطباء البشريين، وقدرته بالطبع على لعب الشطرنج على مستوى أبطال العالم. وفي العقد المقبل سنرى هواتف ترجمة تتيح ترجمة الحديث في الحال من لغة إلى أخرى، ومساعدين شخصيين كمبيوتريين أذكياء يستطيعون التحاور والبحث السريع وفهم قواعد المعرفة العالمية، وعددا هائلا من آلات أخرى ذات ذكاء يزداد اتساعا ومرونة.

في العقد الثاني من القرن المقبل، سوف تزداد صعوبة التمييز بين قدرات الذكاء البشري وذكاء الآلات، وستتضح مميزات ذكاء الكمبيوتر من ناحية السرعة والدقة والسعة، وستزداد من ناحية أخرى صعوبة تمييز مميزات الذكاء الإنساني.

تزيد مهارات برامج الكمبيوترات كثيرا عما يظن كثير من الناس، وعندما أعرض مثلا آخر التطورات في قدرة الكمبيوتر على تمييز اللغة المنطوقة أو النصوص المكتوبة فكثيرا ما يندهش المشاهدون من مدى التقدم الذي أحرز. وعلى سبيل المثال قد يكون آخر عهد المستخدم العادي للكمبيوتر بتقنية تمييز اللغة المنطوقة برنامج صغير محدود الإمكانيات مرفق مجانا مع برنامج آخر، ولا يميز إلا عددا محدودا من مفردات اللغة، ويحتاج وقفات بين الكلمات، ويعجز عن القيام بوظيفته على النحو المطلوب. يندهش مثل هذا المستخدم عندما يفاجأ بالنظم المعاصرة التي تستطيع تمييز الكلام المتصل تماما، وتتعرف على 60 ألف كلمة من مفردات اللغة بمستوى من الدقة يقترب من الدقة البشرية.

اعلموا أيضا أننا لن نلاحظ التطور في ذكاء الكمبيوتر حتى يصبح واقعا ملموسا، وأسوق مثالا واحدا على ذلك، تأمل ثقة جاري كاسباروف Gary Kasparov عام 1990 في أن الكمبيوتر لن يستطيع هزيمته أبدا، فقد واجه أفضل الكمبيوترات، وكانت مهارتها في لعب الشطرنج – مقارنة بمهارته – يرثى لها، لكن مهارة الكمبيوتر في لعب الشطرنج شهدت تقدما مطردا، وكان تصنيفه يرتفع سنويا بمقدار خمس وأربعين نقطة، وفي ۱۹۹۷ تفوق الكمبيوتر على كاسباروف، على الأقل في الشطرنج. عقب كثيرون بقولهم إن محاكاة الأنشطة الإنسانية الأخرى أصعب بكثير من محاكاة لعب الشطرنج، وهذا حقيقي، ففي مجالات أخرى كثيرة – مثل تأليف كتاب عن الكمبيوترات الآلية لا تزال الكمبيوترات في وضع يرثى له، لكن مع استمرار تزايد قدرات الكمبيوترات بمعدل أسي، فإن ما حدث لكاسباروف في الشطرنج سوف يحدث لنا في تلك المجالات الأخرى. وخلال العقود القادمة سوف تنافس كفاءة الآلات كل المهارات البشرية المعروفة وتتفوق عليها، بما في ذلك قدرتنا المبهرة على وضع أفكارنا في مجموعة متنوعة من السياقات.

ينظر إلى التطور على أنه مسلسل استمر مليار سنة، وكان أعظم إبداعاته: الذكاء البشري، وسيكون ظهور نوع جديد من الذكاء على الأرض في بداية القرن الحادي والعشرين قادر على أن ينافس الذكاء البشري ويسبقه في النهاية بشوط كبير تطورا أعظم أهمية من أي حدث من الأحداث التي شكلت التاريخ البشري، ولن تقل أهميته عن أهمية

خلق الذكاء الذي أبدعه، وستكون له آثار عميقة على كل جوانب الأنشطة الإنسانية، بما في ذلك طبيعة العمل، والتعلم، والحكومية، والحرب، والفنون ومفهومنا عن أنفسنا.

هذا الشبح لم يظهر بعد. ولكن مع ظهور كمبيوترات تنافس المخ البشري منافسة حقيقية وتفوقه في التعقيد، ستظهر قدرة الآلات على فهم الأفكار المجردة والتفاصيل الدقيقة. ويبدو أن السبب في التعقيد الذي تبدو عليه الكائنات البشرية يرجع جزئيا إلى تضارب أهدافنا الداخلية، فالقيم والمشاعر تمثل أهدافا كثيرا ما تتعارض بعضها مع بعض، ويعد هذا نتيجة حتمية لمستويات التجريد التي نتعامل معها ككائنات بشرية. وعندما تصل الكمبيوترات إلى مستوى مماثل من التعقيد – ثم تتجاوزه، وعندما يزداد الاعتماد في تكوينها – على الأقل جزئيا – على نماذج من الذكاء الإنساني، فسوف يكون لها هي أيضا بالضرورة أهداف ذات قيم ومشاعر ضمنية، مع أنها لن تكون بالضرورة نفس القيم والمشاعر الموجودة لدى البشر.

سوف تظهر مجموعة من القضايا الفلسفية: هل تفكر الكمبيوترات؟ أم أنها تجري حسابات فقط؟ والعكس بالعكس، هل تفكر الكائنات البشرية؟ أم أنها تجري حسابات فقط؟ من المفترض أن المخ البشري يتبع قوانين الفيزياء، لذلك لا بد أنه آلة، غير أنه آلة بالغة التعقيد. هل هناك اختلاف جوهري بين التفكير الإنساني وتفكير الآلة؟ لنطرح السؤال بطريقة مختلفة: عندما تماثل الكمبيوترات المخ البشري من حيث التعقيد، وتتساوى معه في دقة وتعقد التفكير، فهل نعتبرها واعية؟ هذا سؤال صعب حتى في طرحه، ويراه بعض الفلاسفة سؤالا بلا معني، في حين يعتقد آخرون أنه السؤال الوحيد الذي له معني في الفلسفة، والواقع أن هذا السؤال يعود إلى زمن أفلاطون، لكن مع ظهور الآلات التي يبدو أن لديها إرادة ومشاعر حقيقية، سوف تصبح القضية ملحة أكثر فأكثر.

على سبيل المثال، لو أن شخصا أجرى مسا لمخه باستخدام تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين غير الجراحية (مثل نوع متطور من التصوير بالرنين المغناطيسي)، ونسخ محتويات عقله على كمبيوتره الشخصي، فهل يصبح الشخص الذي ظهر في الآلة هو نفس الشخص الذي نسخ عقله؟ قد يستعطفك على نحو مقنع قائلا إنه شب في بروكلين، والتحق بكلية في ماساتشوستس، ومر بعملية مسح ثم أفاق في آلة هنا. ومن جانب آخر فإن الشخص الأصلي الذي جرى مسحه سيقر بأن الشخص الذي في الآلة يبدو أنه يشاركه بالفعل في تاريخ حياته، ومعرفته، وذاكرته، وهويته الشخصية، لكنه محتال وهو شخص مختلف.

حتى لو قصرنا حديثنا على الكمبيوترات التي لم تستنسخ مباشرة من مخ بشري معين، فسنرى أنها تمتلك شيئا فشيئا شخصيات مستقلة، وردود فعل لا نستطيع أن نصفها إلا بأنها مشاعر ونبين أهدافها وأغراضها. وسوف تبدو كما لو أن لديها إرادة حرة، وتزعم أن لديها خبرات روحية، وسوف يصدقها الناس، أولئك الذين تتكون خلاياهم العصبية من الكربون كعنصر أساسي.

وكثيرا ما نقرأ نبؤات لعدة عقود قادمة تبحث مجموعة من النزعات الديموغرافية، والاقتصادية، والسياسية التي تتجاهل إلى حد بعيد التأثير الثوري للآلات وآراءها وأجنداتها الخاصة. لكننا بحاجة إلى التفكير في الظهور التدريجي – الذي لا مفر منه – لمنافس حقيقي للفكر الإنساني في جميع المجالات، وذلك لفهم العالم القادم.

x

أضف تعليق